الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على اشرف المرسلين محمد بن عبدالله الصادق الآمين وعلى صحابته أجمعين
وبعد
أما بعد
إن الاستقامة: هي الاعتدال بين التشدد والغلو، وبين التساهل والضياع، هي الاعتدال على أمر الله سبحانه وتعالى، وأيضا الاستقامة تعني أن الإنسان يستقيم على دين الإسلام لا ينحرف عنه يمنة ولا يسرة: (قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) وأولى ذلك وأوله التوحيد: استقاموا على التوحيد فلم يشركوا بالله شيئا، لا الشرك الأكبر ولا الشرك الأصغر(قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) بأداء الواجبات والفرائض، وترك المحرمات والمنهيات، وكذلك أدووا المستحبات تجنبوا المكروهات، حافظوا على دينهم.
وكذلك الاستقامة تعني: الاستمرار على الطاعة إلى الممات، استقاموا إلى الممات، أما من يستقيم في وقت ويضيع في وقت آخر فهذا ليس مستقيماً، فالذي يستقيم على الطاعة في رمضان ثم يضيع بعد رمضان هذا لم يكن مستقيماً، الذي يستقم الذي كان مع المستقيمين ثم يضيع إذا كان مع المضيعين هذا ليس مستقيما.
إن المستقيم على دين الله هو المداوم على طاعة الله مدى الحياة، كما في الأثر: هم الذين لا يرغون رغوان الثعالب.
المستقيم على دين الله يحافظ على فرائض الله ويجتنب محارم الله، المستقيم على دين الله يصدق مع إخوانه المسلمين في المعاملة فلا يغش ولا يخدع ولا يكذب ولا يخون.
وكذلك يستقيم مع الناس كلهم، يمثل الإسلام تمثيلا صحيحا حتى مع الكفار لا يعتدي على أحد ولا يظلم أحدا، ولا يخون، هذا هو المستقيم على دين الله عز وجل، ولا يتساهل في شيء من دينه، ولا يكون في حالة مستقيما وفي حالة مضيعا إنما هو دائما وأبدا مع الله سبحانه وتعالى قال صلى الله عليه وسلم: اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ .
إن الاستقامة تعني: أن الإنسان يستقيم على دين الله ولا ينحرف عنه يمنة ولا يسرة؛ ولكن قد يكون من الإنسان بسبب ضعفه وغفلته، قد يكون عنده نقص في الاستقامة؛ ولكن يجبره بالاستغفار، قال صلى الله عليه وسلم: اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا يعني: لن تأتوا على كل الأوامر فتفعلوها ولا كل النواهي تجتنبوها، لابد يكون هناك نقص: اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاَةُ وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ والله جل وعلا يقول: (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) هذا دليل على أن الإنسان مستقيم بحاجة إلى الاستغفار لأنه يحصل منه نقص في الاستقامة بسبب ضعفه وغفلته فيستغفر الله مما قصر فيه من الاستقامة، (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاَةُ وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ .
فعلى المسلم أن يستقيم على طاعة الله مهما استطاع، وإذا حصل منه نقص فإنه يبادر بالاستغفار والتوبة، والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، الله جل وعلا قال لنبيه: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا)، (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) استقيم على أوامر الله، (وَلا تَطْغَوْا) يعني لا تزيدوا ولا تتشددوا؛ ولكن كونوا معتدلين في استقامتكم من الجانبين من جانب الغلو: (وَلا تَطْغَوْا) من جانب النقص: (فَاسْتَغْفِرُوهُ).
فالمسلم يعتدل على طاعة الله (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ونحن نقول في دعاءنا في كل فريضة وفي كل نافلة: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)، صراط المستقيم: هو صراط الله عز وجل: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ)