الحمدلله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد:
ومن أعظم نعم الله على البشرية عموماً وعلى المسلمين خصوصاً دين الإسلام قال الله سبحانه وتعالى في وصف نبيه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)،
قال سبحانه وتعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)، (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)، أيُّ يومٍ هذا إنه يوم عرفة حيث نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة في حجة الوداع في يوم الجمعة، وما عاش بعدها صلى الله عليه وسلم إلا أشهر قليلة ، ثم توفاه الله إلى جواره وانتقل إلى الرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم، تاركاً أمته على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك وقال: إن تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي ، فالخير باقي في هذه الأمُّة لمن يُريد أن يتمسك به، ويشكر الله عليه، الخيرٌ باقً ولله الحمد ما بقي هذا الدين وهذا الإسلام قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)، لم يتوفى الرسول صلى الله عليه وسلم وينتقل إلى ربه إلا بعد أن أكمل الله به الدين، فلا مجال لإضافة إلى هذا الدين، أو اقتراح شيءٍ زيادة على هذا الدين قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ، وقال عليه الصلاة والسلام: وإياكم ومحدثات الأمُور، فإن كل محدثةٍ بدعة، وكَل بدعة ضلالة، وكَل ضلالة في النارِ ، لأن الدين كامل بشهادة الله جل وعلا (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)، فمن يأتي بعد هذا اليوم الذي نزلت فيه هذه الآية الذي يأتي بعبادةٍ وطاعةٍ من غير دليلِ من كتاب الله وسنة رسوله فإنها بدعة، مردودة على صاحبها وهي ضلالة، وإن كان يظن أنها هداية وأنها خير وعبادة، إنها ضلالة والعياذ بالله، وكَل ضلالة في النارِ ، وإن كان يظن أنها تُقربه إلى الجنة فهي تبعده من الجنة وتُقربه إلى النار بشهادة هذا الحديث الشريف، (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)، بكمال هذا الدين تمت النعمة على المسلمين، فيجب عليهم أن يشكروها، وذلك بالتمسك بهذا الدين، والقيام بواجباته، وترك ما حرَّم الله سبحانه وتعالى من منهياته (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)، فأيُ إنسان يبتدع بدعةً فإنَّه يكفر هذه النعمة، ولا يعترف بكمال هذا الدين، ويظن أنه قاصر، وأنه ناقص يحتاج إلى تكميل لأن في نظره لم يكملُ فهو مكذبُ لله عز وجل الذي قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)، فلا مجال للمبتدعين، ولا للمغيرين والمُحدثين، والذي يُريد النجاة من النار والدخول في الجنَّة، ويريد رضا الله سبحانه وتعالى فعليه أن يتمسك بهذا الدين، عليه أن يتمسك بهذا الدين، لأنَّه هو حبل الله المتين الذي يُوصل إلى مرضاته، ويُوصل إلى جناته (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)، ثم قال جل وعلا: (وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)، رضيه لنا ولا يرضى لنا غيره لا يرضى لنا اليهودية، ولا النصرانية، ولا أيِّ دين من الأديان غير الإسلام (وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)، فالذي يقول أن الأديان سوى وكل إنسان يأخذ بدينِ منها فإنه يصل إلى الجنَّة كما يقوله أهل الظلال، أو أهل الجُهال في هذا الزمان، الأديان كُلها نُسخت، كُلها نسخت والعمل بها لا يجوز انتهى وقتها، ولمَّا بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم جاء دين الإسلام وسيبقى إلى أنَّ تقوم الساعة هو دينُ البشرية جميعاً لا يهودية، ولا نصرانية، ولا أي دين سوى هذا الدين دين الإسلام، قال جل وعلا: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)، وقال سبحانه (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ)، والإسلام على وجه العموم هو ما جاءت به الرُسُل من أولهم إلى آخرهم كُلهم على الإسلام الذي هو دين الله عز وجل، ولما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم صار الإسلام هو ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وانتهت الأديان التي قبله، وسيبقى هذا الإسلام هو دين الله الذي لا يرضى سواه إلى أن تقوم الساعة، وهو نِعمةٌ عظيمة، ومنحة عظيمة من الله سبحانه، يتفيأ ظلالها كل مسلم يُريد الله والدار الآخرة، ولكن علينا أن نتعلم هذا الدين، ما يكفي الانتساب له، والتسمي بالإسلام دون أن نتعلم هذا الدين، ثم إذا تعلمناه نعمل به، ونتمسك به ، حتى نلقى الله سبحانه وتعالى.